من وحي تجربة زبونتنا الكريمة هيا
رمال صحراوية ذهبية، مساحة واسعة أمام عيني مدّها البصر. أتطلّع لرؤية مكان الإقامة وقُبّة المخيّم التي تُعطي نظرةً شفافةً للصحراء، وأتخيّل فعالية مشاهدة كسوف الشمس لأوّل مرة في حياتي! راجيةً أن تكون الرحلة كما خططت لها وتخيلتها.
زرت صحراء وادي رم من قبل ولكنّها في هذه المرة كانت مختلفة. وادي رم أو ما يعرف "بوادي القمر" صحراء واسعة تحتوي على الكثير من الخيم ذات الطراز البدوي العريق والكثير من النشاطات. قد تكون للبعض رحلة خالية من أيّ وسيلة للترفيه يسود عليها جوٌّ جافٌّ صحراوي. ولكنّها في الحقيقة ضربٌ من الخيال! اكتشفت أنّها من الوجهات التي يجب أن تُمتِّع ناظريك بها من حينٍ لآخر، والتي سترجع منها مُحمّلًا بالكثير من اللّحظات السحرية التي لا تُنسى!
لحظة وصولنا قاموا بإعطائنا مناديل مبلّلة ومُعطّرة تُعطي شعورًا بالانتعاش بعد رحلةٍ طويلةٍ امتدّت لأربع ساعات تقريبًا، انطلاقًا من شركتنا (ترافل ون - عمان) وصولًا إلى وادي رم. استقبلنا شخص ذو بشرة داكنة وعيون مرسومة بالكحل بابتسامة عريضة جميلة! وقدّم لنا القهوة العربية، وأرشدنا لمخيّمنا الذي يغلب عليه لمسة راقية تُشعرك كأنك ضمن عالمٍ آخر من الخيال والسّحر، وواجهته الشفافة التي تمكّنك من مشاهدة الرّمال وهي تنضب باللّون الذهبي في النهار، والنجوم وهي مضيئةٌ منتشرةٌ في الليل!
بدأت ترتسم ملامح رحلتنا عند وصولنا إلى وادي رم، وصلنا عند الظهيرة تقريبًا، قمنا بتوضيب حاجياتنا والاستراحة قليلًا. إلى أن حان وقت جولة "الجيب" لمشاهدة الغروب والتعرّف على المنطقة، لاحظنا وجود الكثير من الآثار المنقوش عليها منذ الأزمنة القديمة، والتكوينات الصخرية المذهلة! امتدّت جولتنا لمدة ساعتين وتوقفنا عند أكثر من نقطة وشرح لنا السائق عن تاريخ المنطقة، وقمنا بالتقاط العديد من الصور الساحرة على ضفاف غروب شمس وادي رم. بعدها، قمنا بأخذ جولة لمراقبة النجوم في سماء وادي رم ليلًا، من خلال تلسكوبات كبيرة تقرّب لنا النجوم البعيدة في مركز رصد النجوم، وتعرّفنا على كوكب المشتري وزحل وتم تعريفنا على أساسيات علم الفلك من شخص كان أسلوبه مضحك جدًا ومسلّي! وقام بعدها بتصويرنا والنجوم خلفنا كأنها لوحةً مرسومة خيالية.
تناولنا وجبة العشاء "الزرب" على أنغام الدندنات البدوية، وقضينا بعدها أجمل سهرة مع الأصدقاء، وأنهينا يومنا بإقامة عصرية في مخيم صن سيتي الذي يجعل ليلك مضيء بالنجوم ويتميّز بطابعه وخدماته المميزة!
في صباح اليوم التالي ذهبنا مجددًا لمركز رصد النجوم لرؤية ظاهرة كسوف الشمس وكانت تجربة فريدة من نوعها، وقمنا بمراقبتها على فترات زمنية مختلفة سواءً عن طريق التلسكوبات أو عن طريق قطعةٍ من القصدير مفرّغة من الداخل لرؤيته بطريقة أخرى سليمة للعين!
رحلتي هذه كانت من أجمل الرحلات في حياتي، التي جمعت بين بساطة وادي رم والصحراء، ورقيّ الإقامة في مخيم صن سيتي، وكان تعرّفي على النجوم والكواكب من أكثر اللّحظات خاطفةً للأنفاس!